الـفـــرج
( 1 ) نجم الدين وشجرة الدر في السجن :
ظلَّ نجم الدين في قلعة الكرك سجيناً، تحت رحمة الحراس الغلاظ الشداد الذين وكلوا به، لا تسليه سوى شجرة الدر، وكلما اشتد به الكرب ذكَّرته بالمواقف العصيبة التي وقف فيها ربه بجانبه، وأكدت له أنَّ داود لا يريد به السوء، وإنما يزيد أيام حبسه ليُغلي الثمن، ويفرض ما يريد، ونجم الدين يسمع لها ويفكر ثم رفع رأسه وقال: مضى سبعة أشهر ونحن في هذا المحبس القاسي، لا نعلم ماذا سيكون مصيرنا ، قالت في نبرات هادئة: إنَّ فرج الله قريب يا مولاي، ولا أخال داود بعد هذه المدة الطويلة إلا مرسلاً إليك، يعرض شروطه، وأرجو أنْ يوافق مولاي على كلِّ ما يطلب، حتى نتخلَّص من محبسه ونصل إلى بَرِّ السلامة .
فهزَّ نجم الدين رأسه ثم قال في أسى: ما أظنُّه بعد هذه المدةِ الطويلةِ إلا قاتِلَنا ومتخلِّصاً منَّا وقابضاً الثمن الذي يعرضه عليه العادل، قالت في ثقة: لو كان يريد قتلنا ما أبقانا هذه المدة كلَّها، ألسنا في قبضته؟! ومن الذي ينقذنا منه لو أراد بنا السوء؟ ولماذا لم يقتلنا حين أرسل إليه عمك الصالح إسماعيل يحثُّه على التخلُّص منَّا، قلبي يحدِّثني يا مولاي أنه يزيد أيام حبسه ليغلي الثمن، وليفرض عليك شروطه، وأرجو أن تقبل هذه الشروط مهما كان مبالغاً فيها.
( 2 ) داود يفرض شروطه على نجم الدين:
ولم يكذب ظنُّها، فلم يصبح الصباح حتى بعث داود إلى نجم الدين، يعده بإطلاق سراتقى الله والسير معه إلى مصر، ويشترط ثمناً لذلك ( دمشق، وحلب، والجزيرة، والموصل، وديار بكر، ونصف ديار مصر، ونصف ما في الخزائن من مال، ونصف ما لديه من الخيل والثياب وغيرها ).
قال العماد بن موسك وهو ينظر إلى وجه نجم الدين، ويرى عجبه واستكثاره لهذا الثمن الباهظ: " هذه شروط مولاي الأمير داود، فماذا يرى مولاي نجم الدين؟! ".
تذكَّر نجم الدين رأي شجرة الدر فلم يفكِّر طويلاً، وقال مُظهراً الرضا والسرور: قَبِلْتُ، ثم وقَّع العقد بما اتَّفقا عليه، وعاد رُسُل داود إليه يُرقصهم الفرح بِهذه الصفقة الضخمة التي نالها مولاهم، واستعدَّ نجم الدين وشجرة الدر للخروج من السجن، تلوح أمامها مصر ومباهج مصر.
( 3 ) ورد المنى ونور الصباح تحذران سوداء بنت الفقيه :
وما علمت ( ور المنى ونور الصباح ) بما تَمَّ، حتى اشتد بِهما الفزع فقد عرفتا أن شجرة الدر تأكدت أنَّ ما أصابَها هي وزوجها كان بتدبيرهما، فإذا وقعتا في يدها فلا جزاء سوى الذبح، فلم تعودا إلى نجم الدين مع مماليكه الذين عادوا إليه بعد الاتفاق؛ وأسرعتا بالكتابة إلى سوداء بنت الفقيه تعلمانها بِما حدث، وتحذِّرانِها من التهاون في العمل، وتخبرانِها بأنَّ نجم الدين وداود وشجرة الدر في طريقهم إليها؛ فلما بلغ سوداء الكتاب فَزِعتْ وثارت، وجمعت القواد وقالت لهم في غضبٍ شديدٍ: أرأيتم؟! اتفق داود ونجم الدين! قلت لكم أبقوا داود بمصر، ومُدُّوا له الأطماع ومَنُّوه الأماني، حتى نتمكن من نجم الدين ثم نأخذه بعده، ومضت تقول في شدةٍ : لن يُفْلِتَ نجم الدين! ولن يَنجُوَ داود! بينهما وبين مصر ما بين السماء والأرض، وسوف أضعهما بين ماضِغَي الأسد ".
( 4 ) الصالح إسماعيل يستعد لمحاصرة نجم الدين :
ثم دعت بكاتبٍ وأملته كتاباً، وبعثته إلى الصالح إسماعيل بدِمَشْقَ، تحُثُّه على السير إلى نجم الدين لِيُطْبِقَ عليه من خلفه، في الوقت الذي تسير فيه جيوش مِصْرَ وتأخذه من الأمام، فلا يستطيع نجاةً، و لا يجد مهرباً، وملأت كتابها بالتحذير من الخطر الذي ستتعرض له دمشق إذا دخل نجم الدين مصر؛ فلم يتمهَّلْ الصالح إسماعيل وأمر جيشه بالاستعداد، كما استعدَّ الجيش المصري لتنفيذ الخطة، وحَصْرِ نجم الدين بينه وبين الصالح إسماعيل .
ا
سؤال وجواب
" ظل " نجم الدين " في قلعة الكرك سجينًا ، تحت رحمة الحراس الغلاظ الشداد الذين وكلوا به ، لا تُسلِّيه سوى " شجرة الدر ".
س : أين سُجن " نجم لدين " ؟ وكم استمرَّ هذا السجن ؟
جـ : سُجن " نجم لدين " في قلعة الكرك ، تحت رحمة الحراس الغلاظ الشداد الذين وكلوا به و استمرَّ هذا السجن : سبعة أشهر.
س : كيف كانت شجرة الدر تخفف عن زوجها ظلمات السجن ؟
جـ : كانت شجرة الدر تسليه وتذكره بالمواقف الصعبة التى وقف فيها ربه بجانبه وتؤكد له أن داود لا يريد به السوء وأن فرج الله قريب وأن داود بعد هذه المدة سيرسل إليه يعرض شروطه وترجو من نجم الدين أن يوافق على كل ما يطلب حتى يتخلص من ذلك السجن ويصل إلى بر السلامة .
س : ما سبب إطالة مدة حبس " نجم الدين " لدى " داود " في حصن الكرك ؟
جـ : لكي يُغلي الثمن ويفرض على نجم الدين شروطه .
س :اختلفت وجهة نظر كلٍ من" نجم الدين" و " شجرة الدر" تجاه ما ينوي" داود " فعله بهما. وضح ذلك.
جـ : اختلفت وجهة نظر كلٍ من" نجم الدين" و" شجرة الدر" تجاه ما ينوي" داود " فعله بهما :
* فنجم الدين يرى أن داود يطيل حبسهم ؛ لأنه يريد قتلهما والتخلص منهما ويقبض الثمن الذي يعرضه عليه العادل " سيف الدين ".
* " شجرة الدر " : ترى أنه يُطيل حبسهما ؛ ليُغلي الثمن ويفرض عليه ما يشاء من الشروط .
س : هل حدث ما توقعته " شجرة الدر " ؟ وماذا كان الثمن ؟
جـ : نعم ، حدث ما توقعته " شجرة الدر " ، فلم يُصبح الصباح حتى بعث " داود " إلى " نجم الدين " يعده بإطلاق سراتقى الله ، ويشترط عليه الثمن لذلك.
* الثمن الذي عرضه العادل على " نجم الدين " هو : أن يأخذ ( دمشق وحلب والموصل والجزيرة وديار بكر ونصف ديار مصر ونصف ما في الخزائن من أموال ونصف ما لديه من ثياب وخيل
وغيرها ).
س : ما موقف " نجم الدين " من الشروط التي عرضها عليه " داود " ؟ ولماذا ؟
جـ : موقف " نجم الدين " من الشروط التي عرضها عليه " داود " : قَبِـل كل تلك الشروط ، وسارع بالموافقة مُظهرًا الرضا والسرور ، ووقع العقد بما اتفقا عليه.
السبب : أنه تذكَّر كلام " شجرة الدر " عندما قالت له : " أرجو أن يُوافق مولاي على كل ما يطلب " داود " ، حتى نتخلص من محبسه ونصل إلى بر السلامة.
س : هذه شروط مولاي الأمير " داود " ، فماذا يرى مولاي " نجم الدين " ؟!
ـ مَـنْ قائل هذه العبارة ؟ ولمن قيِلت ؟ وما مُناسبتها ؟
جـ : قائل هذه العبارة : " عماد الدين بن مَـوْسِك " .
قالها لنجم الدين أيوب عندما عرض عليه مطالب " داود " حتى يفك أسره .
س: ما سبب فزع" ورد المُنى" و" نور الصباح" عندما علمتا بإطلاق سراح " نجم الدين " و " شجرة الدر " ؟
جـ : سبب فزع" ورد المُنى" و" نور الصباح" عندما علمتا بإطلاق سراح " نجم الدين" و " شجرة الدرأنهما عرفتا أن" شجرة الدر" قد علمت بتدبيرهما ، وأن كل ما أصابها هي وزجها كان بتدبيرهما فإذا وقعتا في يد" شجرة الدر" فلا جزاء لهما إلا القتل.
س : لماذا أرسلت الجاريتان" ورد المُنى" و" نور الصباح" كتابًا إلى " سوداء بنت الفقيه " ؟
جـ: 1ـ لكي يُعلمانها بما حدث.
2 ـ ويُحذرانها من التهاون في العمل في هذا الأمر.
3ـ ولكي تخبرانها بأن " نجم الدين " و " داود " و " شجرة الدر" في طريقهم إليها.
س : " فلما بلع " سوداء " الكتاب فزعت و ثارت وجمعت القواد وقالت لهم في غضب شديد : أرأيتم ؟! اتفق " داود " و " نجم الدين " ! قلت لكم أبقوا " داود " بمصر ومُدوا له الأطماع ومنوه الأماني ". ـ ممن جاء هذا الكتاب ؟ ولماذا فزعت "سوداء "مما ورد فيه ؟
جـ : جاء هذا الكتاب من الجاريتين" ورد المُنى" و" نور الصباح" .
* و فزعت " سوداء خوفا على نفسها وابنها العادل وحكم مصر الذى يسعى نجم الدين من أجله .
س : لماذا أرسلت " سوداء بنت الفقيه " كتابًا إلى الصالح " إسماعيل " ؟
جـ : لكي تحثه على السير إلى" نجم الدين " ؛ ليُطبق عليه من الخلف ، بينما يأخذه جنود مصر من أمامه فلا يستطيع نجاة ، ولا يجد مهربًا.
: ما موقف الصالح " إسماعيل " من كتاب " سوداء " ؟
جـ : موقف الصالح " إسماعيل " من كتاب " سوداء " : لم يتمـهَّل ، وأمر جيشه بالاستعداد للانقضاض على " نجم الدين أيوب ".
س : لماذا فشلت خطة سوداء فى الإيقاع بنجم الدين وشجرة الدر ؟
جـ : لأن جماعة الإصلاح بزعامة أبى بكر القماش قد اتفقوا على القيام بثورة عنيفة حين يخرج العادل لقتال نجم الدين فيجبروه بذلك على العودة سريعا لمصر وبالفعل تم خلع العادل من حكم مصر ودخل نجم الدين مصر منتصرا .
وبالله التوفيق........